نظرية قشرة البصلة لسيغفريد فايشنبيرغ
الإعلام والصحافة كنظام وظيفي، يكتسب شرعيته وهويته من خلال الخدمات والمنجزات ضمن دورة العلاقات في المجتمع
وضعها أكبر صحفي في أوروبا والعالم، حيث يُعد البروفيسور سيغفريد فايشنبيرغ صاحب هذه النظرية واحدا من أبرز المفكرين الألمان في مجال علم الصحافة والإعلام والإتصال الجماهيري وأبرز المنظرين لهذه العلوم في العالم.
خبرة فايشنبيرغ العملية في مجال الصحافة والإعلام والاتصال الجماهيري، توازي قوة ملكته النظرية، بحيث كان مديرا لتحرير العديد من الصحف ومحطات الإذاعة والبرامج التلفزيونية بمختلف أجناسها، والمشرف على العديد من الدورات الإنتخابية السياسية عند نقلها تلفزيونيا. كما ترأس من العام 1999 وحتى العام 2001 إتحاد الصحافيين الألمان الذي يضم حوالي 40 ألف عضو. نشر فايشنبيرغ أكثر من عشرين كتابا ومئات المقالات والدراسات المنشورة والمتوزعة بين الصحف والمجلات المتخصصة. ومن أشهر كتبه كتاب الصحافة في ثلاثة مجلدات والذي يُعد حجر الزاوية في علم الصحافة والإعلام في الدراسات الأكاديمية المكتوبة بالألمانية، وكذلك كتاب المرشد في الصحافة والإعلام و حقيقة وسائل الإعلام، الخبر الصحافي الصحافة والموهبة الحرفية، الصحافة في مجتمع الكمبيوتر، ومستقبل الصحافة، وغيرها. وتعد نظريته وأنموذجه المسمى قشرة البصلة من أشهر النماذج التي تنظر إلى الصحافة كنظام إجتماعي.
يعتقد سيغفريد فايشنبيرغ بأن الإعلام والصحافة كنظام وظيفي، يكتسب شرعيته وهويته من خلال الخدمات والمنجزات التي يقدمها ضمن دورة العلاقات في المجتمع. أما وظيفته، في تقديمه لموضوعات لإنجاز عملية الاتصال الجماهيري التي تتسم بالجد والإثارة، التي لها علاقة بالتشكيلة الاجتماعية، ونماذجها.
ورغم أن فايشنبيرغ واحد من كبار المنظرين في العالم في مجال علم الصحافة، فإنه يؤكد بأن الصحافة والإعلام كانت وستبقى دائما معتمدة بكاملها على الخبرة العملية وعلى التطبيق. فالتأمل النظري والفعل العملي يقدمان حسبه قوانين العمل الصحافي، مع أن هذا الأمر لا يعني بأي حال من الأحوال تطابقا بين علم الصحافة وعلم الاتصال.
علم الاتصال حسب نظرية قشرة البصلة يركز بشكل أساسي على الخبرة العملية والممارسة مع تلك العوامل التي تؤثر على مضمون الخبر وتمنحه المصداقية الإعلامية. شروط وتأثيرات وتوابع هذه العملية، سيكون لها التأثير على الفعل الاتصالي في وسائل الاتصال الجماهيري.
بنى فايشنبيرغ نظرية البصلة مستلهما شكل وتركيب البصلة، التي لها أربع طبقات فقط. الطبقة الخارجية تضم القواعد العامة، الطبقة الثانية والأصغر منها تضم البنى. أما الثالثة، فتضم الوظائف، وأخيرا يأتي اللب الذي يركز على الدور في كل حقل.
التشكيل الدائري لهذه النظرية ليس بهذا التبسيط، فهو قبل كل شيء يضع بعض التفصيلات التي يفرق فيها بين الإعلام والصحافة، ويقسم كل هذه الطبقات في أربعة مربعات هي كالتالي:
1- النظام الإعلامي: ويضم هذا المربع كل ما تضمه الطبقة الخارجية العليا للبصلة (أي سياق القواعد العامة أو الأصول)، وهي هنا كما يفصلها في نقاط هي:
أ. الشروط الاجتماعية.
ب. الأسس التاريخية والحقوقية.
ج. السياسية الإعلامية.
د. المستوى الحرفي والأخلاقي.
2- المؤسسات الإعلامية: ويضم هذا المربع كل ما تضمه الطبقة الثانية والداخلية من البصلة (أي سياق البُنى)، وهي هنا كما فصلها في نقاط هي:
أ. المؤسسات الاقتصادية.
ب. المؤسسات السياسية.
ج. المؤسسات التنظيمية.
د. المؤسسات التكنولوجية.
هنا يتم الحديث عن المؤسسات التي للإعلام علاقة بها والتي هي في مجملها لها تأثير إقتصادي وتنظيمي على (قوة تأثير) الإعلام.
3- الرسائل الإعلامية: ويضم هذا المربع كل ما تضمه الطبقة الثالثة من البصلة (أي السياق الوظيفي)، وهي هنا فصلها فايشنبيرغ في النقاط التالية:
أ. مصادر المعلومات ومصادر توضيح.
ب. نماذج الخبر الصحفي وشكل التقديم.
ج. تكثيف الواقع المعاش.
د. التأثير ورجع الصدى أو الترجيع.
في هذه الدائرة، يتم الحديث عن جوهر الرسالة الاعلامية سواء من ناحية الجهد في التقديم أو في رصد تأثير المنظومة الاعلامية من خلال التوقف عند الأسئلة التالية: من أين يستمد الصحافيون مادتهم الاعلامية؟ ما هي الالتزامات وأشكال التبعية التي عليهم تقديمها من أجل الحصول على المعلومات؟ ما هي أشكال الخبر الصحفي التي عليهم التركيز عليها؟ ما هي أشكال الخبر الصحافي التي عليهم اعادة صياغة المعلومات من خلالها؟ وفق أية قواعد يمكن للصحافيين ان يجعلوا من الأحداث خبرا صحافيا؟
ما هي ملامح الواقع البارزة التي عليهم التوقف عندها من أجل إعادة تقديم الواقع بمصداقية؟ ما هي الخيارات التي تقف أمام الصحافة والاعلام؟ وهناك السؤال المركزي ألا وهو رصد تأثير وسائل الاعلام على جمهورها من خلال مواقفهم وتصوراتهم وافعالهم؟
4- ممثلو الإعلام: ويضم هذا المربع كل ما تضمه مركز البصلة ولبُها (أي سياق الأدوارالتمثيلية)، وهي هنا كما فصلها فايشنبيرغ تتمثل في النقاط التالية:
أ. العلامات الديموغرافية الواضحة.
ب. الوضع الاجتماعي والسياسي.
ج. الوعي الذاتي للدور وسمعة الجمهور.
د. الحرفية والفعل الاجتماعي.
هنا يتوقف فايشنبيرغ عند القوانين الموضوعية والأطر التي تتحكم بالأداء الصحافي والإعلامي والشروط التي يفرضها التطور التقني لوسائل الاتصال على طبيعة الأجناس الخبرية الصحافية والاعلامية.
هذه الدوائر والمربعات، يمكن بحثها كل على حدة وبشكل منفصل وبمناهج تجريبية من خلال إستطلاعات الرأي أو الرصد، مثلما يمكن أخذها بمجملها ككل. لكنه يؤكد أيضا أن هذه البحوث سوف لن تخلو من المشاكل والتحديات النظرية والمنهجية، خاصة في اختلاف النظر حول أولويات كل دائرة ومساقاتها، أو في تداخل المساقات وتنسيبها لدوائر أخرى غير التي هو قدمها؟
أهمية نظرية فايشنبيرغ
بعض المنظرين الألمان في مجال علم الاتصال أمثال ستيفان فيبر، أرمين شول، وغيرهم، لا يعدون (قشرة البصل) لسيغفريد فايشنبيرغ نظرية وإنما إنموذجا (موديلا) إلى جانب النماذج النظرية المهمة في مجال علم الصحافة والاعلام والاتصال الجماهيري التي قدمها دونسباخ، نويبيرغر، كوركه، رينغر وغيرهم، لكنهم لا ينفون عنها أهميتها التاريخية، وإعتبارها أهم أنموذجا إستطاع الاستفادة القصوى من التحليل الماركسي الكلاسيكي ومن تحليلات الماركسية الجديدة بعد مزجها بوجهات النظر الديموقراطية والليبرالية عن المجتمع المدني الصناعي والمجتمع ما بعد الصناعي.
أخلاقيات المهنة الصحفية
ترتبط أخلاقيات الممارسة الإعلامية في دول عديدة بالتقاليد والأعراف أكثر من ارتباطها بالقوانين، لذا اهتمت العديد من بلدان العالم، بإصدار مواثيق شرف إعلامية تحوى المعايير الأخلاقية التي يجب أن يسير على نهجها العام الإعلاميين والصحفيين لتحقيق أكبر قدر من الأمانة والصدق في نقل المعلومات، ويرجع ظهور مواثيق الشرف على الصعيد الدولي إلى عام 1913 لتحسين الأداء الإعلامي وتوجيهه لصالح جمهور المتلقين، حيث بذلت محاولات عديدة لوضع قواعد سلوك مهني للإعلاميين.
أقدم هذه المواثيق أطلق عليه" قواعد الأخلاق الصحفية" صدر في واشنطن عام 1926 ونشأ في ذلك العام الاتحاد الدولي للصحافيين واتخذ عددا من الإجراءات الهادفة إلى تنظيم المهنة ذاتيا بواسطة المهنيين من رجال الصحافة من بينها: إنشاء المحكمة الدولية للشرف في عام 1931 وتطبيق ميثاق الشرف المهني الذي صدر في عام 1939.
ورغم ما عرفته الصحافة المغربية من تطور وحظ وافر من الأهمية خلال السنوات الأخيرة في حياتنا المعاصرة، سواء أكان ذلك بارتباطها بالتطور الكمي والتكنولوجي أو على مستوى الانفتاح الإعلامي على مصراعيه السمعي والبصري ولا ننسى المكتوب.
اللجنة الدائمة للإعلام العربي تعمل على متابعة أهم النبوذ التي يضمها ميثاق الشرف الإعلامي العربي والذي وقع إقراره من طرف مجلس الجامعة العربية بتاريخ 14 شتنبر 1978، بعدما قدمه ميثاق التضامن العربي الصادر عن أشغال مؤتمر القمة العربي بالدار البيضاء سنة 1965. وواضح أن اللجنة الدائمة للإعلام العربي التابعة لنفس المجلس حين سعت إلى وضع ميثاق من هذا القبيل فهي لم تنطلق مما هو سائد في التجربة الإعلامية العربية، بل انطلقت من اعتبار ما يجب أن يسود أو يكون في هذه التجربة. وميثاق الشرف من خلال لجنة المتابعة المنبثقة عن المناظرة الوطنية الأولى للإعلام تلزم الصحافيون العاملون في مختلف المنشآت الإعلامية المغربية بالمبادئ التالية:
اعتبار حرية الصحافة، وحق المواطن في الإعلام والمعرفة، وحقه في التعبير عن رأيه بحرية كي يمتلك أدوات المشاركة الواعية والمستقلة في الحياة العامة للمجتمع وفي مراقبة المسئولين عن تدبير الشأن العام أهدافا يسعى الجميع لتحقيقها والالتزام بالدفاع عنها.
التأكيد على وضع حد فاصل بين واجب عدم التعرض للحياة الخاصة للملك وأفراد الأسرة المالكية التي تعتبر ملكا لهم، والحق في المعالجة الصحافية لطريقة تدبير الحكم في بلادنا ومواكبة مطالب الإصلاح، وذلك بأسلوب يتسم بالرصانة والمهنية والنزاهة الفكرية، والاحترام الواجب لرئيس الدولة أمير المؤمنين.
ويمكن إدراج في هذا الشأن حماية الخصوصية، فهي أيضا تعتبر مبدأ قائما في الكثير من مواثيق الشرف التي تضعها المنظمات والجمعيات الإعلامية، وتدل عليه النماذج التالية: (مجتمع الصحافيين المحترفين... وينص أحد نبوذه على أنه يجب أن تحول وسائل الإعلام دون خرق حق الأفراد في الخصوصية ميثاق محرري وكالة أسو شيت بريس (احترام الحق الفردي في الخصوصية). اتحاد مديري أخبار الراديو والتلفزيون (على الصحافيين والإذاعيين أن يراعوا في جميع الأوقات الاحترام الإنساني للخصوصية الفردية... وأن يحسنوا التعامل مع الأشخاص الذين تتناولهم الأخبار).
وهذا ينص أيضا على عدم المساس بالشخصيات العمومية، أي له علاقة بما يعرف بالأشخاص ذوي الشهرة الاجتماعية، الاقتصادية، الفنية والفكرية... حيث يرى هؤلاء بأن التعرض لنشر أخبارهم الخاصة، هو مجرد الإساءة إلى مراكزهم ومجالات نفوذهم، وغالبا أيضا ما يعيدون ذلك إلى التحريض المؤدى عنه من جهات لها مصالحها الخاصة وكثيرة الشخصيات من هذا العيار التي تم الإطباق العام على سلوكياتها.
اعتبار الوحدة الترابية للبلاد من الثوابت، ومن واجب الصحافة عدم التحريض على الانفصال أو تشجيعه أو الإشادة بأعمال العنف وتبريرها، ويحق للصحافة الوطنية الحصول على كل ما تحتاجه من معلومات ومعطيات من المصادر التي تتوفر عليها، ما لم تكن سرا من أسرار الدفاع الوطني، كما يحق لها نشر ما تراه يستجيب لحق المواطن في الإطلاع والمعرفة.
الصحافي المهني وسلوك التقمص
قد يتقمص أحد الصحافيين دورا خاصا يتستر من خلاله على مهنته الصحافية الأصلية، وقد يرافق هذا التقمص استعمال أدوات تسجيلية وتصويرية عن طريق الإخفاء. وكل ذلك بغاية انجاز تحقيق يهم إحدى الوضعيات والتي تكون عادة مشبوهة بأفعال من قبيل التزوير والاختلاس أو الإساءة للنفع العام والمؤسسات العمومية كالمستشفيات والخيريات وغيرها... هذا الموقف نجد من ورائه دائما عدة دوافع، وهي تختلف بين التفرد والسبق الإعلاميين واستقطاب عدد إضافي من المتلقين، ما يجعل أمر الإقدام عليه ذا إثارة خاصة وجاذبية قوية في الممارسة الصحافية، بل نجد أن بعض الصحافيين سيستفيدون من جوائز تقديرية على انجازاتهم الصحافية، ومع ذلك فالصحافيون والنقاد سيضعون هذا الموقف في دائرة اعتبار مزدوج:
فالشطر الأول ينظر إليه كسلوك شائن لا يخلو من الخداع، وبالإمكان تعويضه بالسعي الحثيث وراء الحقيقة عن طريق التحري الدقيق والتسلح بشجاعة اقتحام مصادر الخبر علانية سواء كانت أشخاصا أو أماكن.
أما الشطر الثاني، يرى في الخداع إمكانية مشروعة في حالة كونه ممثلا للأسلوب الوحيد والمتاح كما في حال تأديته لمهمة تخدم الصالح العام.
عدم المس بالتعددية العرقية والثقافية للشعب المغربي، ونبذ العنف والإرهاب، ومجابهة خطاب التفكير والكراهية والعنصرية،والامتناع عن الإشادة بها والترويج لها.
احترام الكرامة الإنسانية وعدم التشهير بالأشخاص أو المس بأعراضهم وشرفهم أو لونهم أو جنسيتهم أو دينهم أو صفاتهم الجسمانية، وفي جميع الأحوال احترام الحياة الشخصية للأفراد.
ويدخل في بابها أيضا استغلال المآسي: وذلك بأن يقوم صحافي بتصوير مشاهد إنسانية مصابة بالتشوه الخلفي أو تعرضت لجرائم بشعة، فيستغرق في الوصف إلى حد تعرية موضوع النشر من حرمته الإنسانية، إلى غيره من الحالات التي تدخل في نفس الاتجاه والتي تصنع قصة خبرية غالبا ما تستهوي الكثير من النشرات الصحافية بحوافز متجددة، لا يكون أهمها إلا حافز الإثارة كما هو قائم حاليا في عدد من النشرات المتنافسة، وتبقى في هذا الموقف ومثله مسألة أخلاقيات المهنة مستحقة وبشكل جدي لما يفيد معناها السلوكي والشخصي كقمة فكرية وثقافية، قبل معناها المهني الصحافي.
وتواجه مواثيق الشرف وأخلاقيات المهنة الصحفية في جميع البلدان وليس المغرب فقط مشاكل كبيرة تؤدي إلى عدم تطبيقها مما يودي إلى لجوء بعض الحكومات إلى فرض قوانين تقيد العمل الصحفي.
ستظل قضية أخلاقيات المهنة محل جدل وجذب وشد بين الصحفيين والحكومات بسبب اعتقاد كل طرف أن الطرف الآخر لم يوفي بالتزاماته اتجاه الآخر، رغم أنها بدأت في طور التلاشي بعد انطلاق ثورة المعلومات والصحافة الالكترونية العبرة للحدود والقنوات الفضائية التي لن يوقفها رقيب وستدخل كل بيت بمجرد الضغط على الأزرار.
بوتفليقة وعد بمراجعة قانون الإعلام
وجه رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة يوم 2 ماي رسالة إلى الأسرة الإعلامية الوطنية، في سابقة الأولى من نوعها منذ توليه رئاسة البلاد عام 1999، حيث التزم الصمت إزاء الصحافة الوطنية، ولم يباشر بأي نوع من أنواع التعاطي معها، وعشية الاحتفال باليوم العالمي لحرية التعبير، أكد رئيس الجمهورية في خطابه، تقديره لما حققته هذه الأخيرة من مكاسب، على طريق تكريس مبادئ الحرية و الحق في التعبير، قائلا "والتوافق في خدمة الوطن وترقية قيم المواطنة داخل المجتمع، وتعزيز الممارسة الديمقراطية من النشاط الطفيلي الذي كثيرا ما أساء إلى العمل الصحفي وإلى هدفه النبيل".
كما حيا بوتفليقة، خلال خرجته الأولى بعد انتخابه إلى عهدة رئاسية ثلاثة والتي قادته إلى تدشين بعد المشاريع بالعاصمة، العاملين في حقل الإعلام الوطني، على ما قدموه من تضحيات في الماضي وخاصة خلال العشرية السوداء التي تخبطت فيها البلاد، وعلى ما تقده اليوم "لمواكبة عملية انتقال المجتمع إلى مرحلة ما بعد الإرهاب".
كما أثنى على الكفاءات الإعلامية الوطنية المتواجدة بالمهجر، منوها في ذات السياق، بأدائها وقدرتها في فرض حضورها بكبرى وسائل الإعلام العربية والأجنبية، مشير إلى أن "الاعتزاز بمساهمتها في ترقية المنظومة الإعلامية الوطنية، التي سنمكنها من أدوات التطور والانتشار في كنف مناخ تسوده المرونة وحرية المبادرة والاحترافية"، مؤكدا بأن الحق في الإعلام لن يكون متناقضا مع التغيرات السياسية والاجتماعية، بقدر ما يكون مؤثرا فيها، مشيرا إلى أن جهود الإعلام الوطني "يضاعف من الجهود الرامية إلى تحقيق أهداف في الأمن وألامان والتنمية المستدامة".
كما دعا رئيس الجمهورية في نفس الرسالة، أعضاء الأسرة الإعلامية لفتح مجال النقاش لتصدي للآفات الاجتماعية، مشيرا إلى المحسوبية، البيروقراطية، الجهوية و الرشوة و الفساد، مؤكدا على أن تمسك المواطنين بحقهم في الممارسة الديمقراطية و التعبير الحر، كانت فيه الصحافة الوطنية الأداة المؤثرة.
مصيفا في ذات السياق، بأن حرية الإعلام والتعبير الحر هو "ركن حصين في المشروع الديمقراطي"، ليعود بوتفليقة لتذكير بوعوده التي قدمها للأسرة الإعلامية خلال عرضه لبرنامجه الانتخابي، خلال الحملة الانتخابية لرئاسيات 9 أفريل المنصرم، والتي أكد خلالها بأنه سيعمل من أجل تكريس الاحترام والدعم المتواصل، من أجل تسهيل ممارسة وتطوير المهنة، وترقية أداء مختلف المؤسسات الإعلامية، المستقلة منها أو العمومية، مؤكدا أنه سيعمل من أجل "وضع نصوص تشريعية تراعي التطور الذي فرضته ثورة الإعلام والاتصالات الجديدة، ودعم المناهج الجديدة في مجال التكوين وتحسين الخدمات".
كما دعا رئيس الجمهورية في ذات السياق، الحكومة والأطراف المعنية بمجال الإعلام في البلاد، إلى مباشرة بحث معمق حول الأحكام القانونية، الكفيلة بالارتقاء بالصحافة "إلى مستويات أعلى من الأداء المهني المطلوب"، مؤكدا بأن عملية معالجة التشريع الإعلامي في البلاد، من شأنها أن تكون منطلقا لوضع سياسة اتصال وطنية، مضيفا أن الجزائر مطالبة اليوم بتواصل مع التكنولوجيات الحديثة والرقمنة، والتي قال عنها رئيس الجمهورية بأنها "ليست خيارا، بل حتمية".
كما ختم بوتفليقة رسالته الموجهة إلى الأسرة الإعلامية، بحثهم على إرساء ثقافة أخلاقيات المهنة، والتعامل مع القضايا بالموضوعية والحياد، لضمان مصداقيتها، التي قال بأنها هي التي تضمن لها الاحترام والديمومة.